هناك دور للفيديوهات التعليمية: أن تفهم العين مع الدماغ. نحن نقرأ عن الموجة (الكهرومغناطيسية)، الجاذبية، التفاضل، لكننا في الأغلب لا نراها. هنا يكون العلم بالنسبة لنا رمزياً: حروف يونانية مرسومة بجانب حروف يونانية اخرى، ونحن نتعامل مع الرموز بقوانين معينة لكي نحولها من شكل إلى شكل. هل هذا هو العلم؟ كلا!
بعض المبدعين يحاول اصلا التخلص من الاعتماد على الرموز في التعليم، مثل مشروع Kill Math لكن هذه "ثورة" لم تحدث بعد ولم تظهر ملامحها. نحن مازلنا نتكلم عن العلم بصورته التقليدية مع تبصير بالعين للظواهر قيد المناقشة.
هنا يكون المعيار الأساسي بالنسبة لي في الفيديوهات التعليمية هو: هل نرى الظاهرة التي تمثلها القوانين؟ وبالنسبة لهذا الفيديو الجديد من تحرير اكاديمي فإن الإجابة عندي هي: لا.
أين رسم الظاهرة؟
إن كانت هناك سمة عامة تميز الفيديو، فهو ان رسوماته جميلة جداً، لكنه يرسم كل شيء إلا الظاهرة العلمية التي يشرحها.
هذه امثلة للرسومات الموجودة في الفيديو:
- رجال الكهف والديناصورات.
- قوس قزح.
- الاطفال على شاطيء البحر.
- الفيديو لم يرينا بأعيننا كيف ينعكس الضوء على الأشياء لنراها. هنا الرسمة كانت رجل كهف على ضوء النار، لكن لم نر الضوء وهو ينعكس!
- حين يأتي ذكر مصطلح علمي، مثل "الموجات"، نجده يقول ان الضوء موجات، لكن لا يرينا كيف.
- الفيديو لم يرينا الضوء وهو ينعكس على المرآه بحيث تساوي زاوية السقوط زاوية الانعكاس..فقط رسم خط من الضوء يدخل ويخرج من المرآه، واخبرنا شفاهاً ان الزوايا متساوية. حتى الكتب - تلك الوسيلة المتقادمة - لا تخلو من تلك الرسمة!
- وأرى ان الفيديو اضاع فرصة ذهبية: لماذا ادى انكسار الضوء في الماء إلى تشوه صورة ساقي الولد؟ لقد اخذ يحكي ويحكي ثم حين جاء يشرح الظاهرة، رسم مستطيل يمر به خط...كان يمكنه أن يرينا اشعة ضوء كثيرة متوازية وهي تنعكس من على رجلي الطفل، ثم تنحني وتسقط على حائل فنرى سبب التشوهات في الصورة بالضبط . اعترف ان مثل هذه الanimation sequence ستكون صعبة نوعاً ما لكن...اليس الهدف من كل هذا هو الطموح وتطوير التعليم؟؟
هناك شيء آخر في الفيديو هو ان الرسمة كثيراً ما تخالف الوصف..نجد المعلق يقول "الضوء موجات، لكن ليس مثل موجات البحر" بينما الشاشة ترسم...موجات بحر! أو يقول اننا نرى قوس قزح، ثم يرسم شبابيك، ثم يقول المعلق "بس مش بنشوفه من الشباك!".
يبدو كأن مخرج الفيديو يعترف للجمهور بشيء؛ كأنه يقول "انا لم ارسم الظاهرة الحقيقية ورسمت شيئاً آخر بدلا منها، ولكن على الاقل اخبرت الجمهور ان الرسمة ليست هي الظاهرة الحقيقية!".
كيف نصلح الفيديوهات؟
لكي يكون نقدي بناء، سأقدم ما اراه تحليل لسبب المشكلة مع اقتراح لحلها: اعتقد ان السبب - في رأيي - ان فريق الفيديو مكون فقط من الgraphic designers، وربما فيه مدرسون، لكن ليس فيه كثير من العلماء-- فلذلك نرى الرسامين يعتمدون على ما تقدمه لهم مواهبهم الطبيعية: الديناصورات...الخ.
إن العالِم الذي يعيش حياته كلها مع الفوتونات والموجات والكهرومغناطيسية سوف يعرف كيف يمكن عمل رسم توضيحي للموجات، ويعرف بالضبط الاتجاه الذي سيسلكه كل شعاع ضوء حتى تبدو صورة الولد المموجة في الماء، وسيبحث عن افضل التشبيهات لظاهرة كذا أو كذا. نحتاج ان يجمع الفريق بين علماء يحبون الخيال متمكنين من علمهم، مع رسامين يحبون العلم وعلى استعداد ان "يذاكروا" لتكون رسوماتهم دقيقة علمياً.
الكل يعرف فيلم Wall-E، أليس كذلك؟ جزء كبير من الفيلم يحدث في الفضاء وانعدام الجاذبية...الخ، ولتحقيق هذا الهدف يعرف منتجوه شيئاً عن فيزياء الحركة في بيئة عدم جاذبية، واخذوا من طبيب فكرة تضاؤل العظم البشري في بيئة microgravity، واستعانوا بخبراء اضاءة من اجل styles معينة لانعكاس وانكسار الضوء، واستعانوا بمصمم الiPod ليحكم فعلا هل شكل الروبوت EVE "مستقبلي" أم لا، وبنوا الموضوع فعلاً على أساس علمي. لقد قرأت الجزء الخاص بإنتاج هذا الفيلم منذ يومين على الويكيبديا، وبصراحة تعلمت منه الكثير عن دور العلم والdesign في الإنتاج الفني.
النصيحة الآخرى هي التأكيد على احترام ذكاء الاطفال ..هناك فرق بين اضفاء روح المرح وبين اعتبار ان المشاهد عنده خمس سنوات..جملة مثل "يا ترى سبب تغير الصورة هو الشمس، أم الماء، ام ان نظر البنت ضعييف؟؟" لا ينقصها سوى "أن أن آآآآن!!!!" في آخرها :(
الاطفال اذكى مننا كلنا اصلاً. حتى ذوي السنوات الخمسة :)
هناك تعليقان (2):
ممكن حضرتك تبعتلهم النقد ده عشان يحسنوا من الفيديوهات القادمة؟
@Sara Ebrahim
بعثته لوائل غنيم في mention على تويتر. أرجو أن يفيدهم :)
إرسال تعليق