السبت، 26 فبراير 2011

هل انتهى الداعي للثورة؟ أسئلة وأجوبة

1- الثورة خلصت يا جدعان وانتصرتوا. بطلوا بارانويا بقى

هل تتوقع القضاء على فساد ثلاثين عاماً في ثمانية عشرة يوماً؟ استمرار الضغط الشعبي الآن الآن هو جزء طبيعي من عملية التصحيح ومقاومة الفساد. قد رحل رأس للفساد وبقى رؤوس عديدة. أم أنك تتوقع أن الضغط الشعبي كان ضروريا لرحيل مبارك، لكن باقي رموز الفساد الذين يحكمون سوف يقومون بتقويم أنفسهم؟

2- كلها ست شهور وتجيلكم الحكومة النموذجية اللي انتوا عاوزينها

منذ اسبوعين كنا نسمع أن كلها شهور ستة ويقوم مبارك نفسه بنقل السلطة وتغيير الدستور وإقامة انتخابات نزيهة. هل تذكرون أوجه الاعتراض على ذلك وقتها؟
  • النظام القديم لم يقدم أية ضمانات لصدق ما يقول
  • لا يمكن الثقة بدون ضمانات في أفراد لهم تاريخ طويل من عدم المصداقية، ولديهم كثير ليخسروه لو التزموا بوعودهم
  • النظام القديم مازال يملك خيوط القوة في يديه. ما الذي يجعلنا نظر أنه سيستخدم تلك القوة في تحقيق مطالب الشعب بدلاً من تثبيت سلطته؟
  • الرئيس كان يعد بوعوده في نفس الوقت الذي كان التلفزيون فيه يقوم بحملات دعاية للحكومة وأهدافها والبلطجية يضربون في الميدان
الآن، كلامنا هو نفس الكلام بالضبط، لكن بدون مبارك!

3- بس شفيق مش كدة! ده كان ايام مبارك بس مجبر على اللي بيعمله بس دلوقتي هو الوزير المثالي

من جديد: ما الدليل؟ ما الضمانات؟ من فضلك --لا تعد لموضوع المطار هذا.

4- بس الحال واقف والاقتصاد حيضيع

الحال سيقف أكثر لو عاد الحزب الوطني. لو ظلت قوى الفساد. لو ظل النظام القديم يحكم. هل نسيتم أم ماذا؟

5- نظام قديم ايه بس! مش احمد عز دخل السجن هو وحبيب العادلي؟

لابد من تقديم النظام لبعض الصور التلفزيونية حتى يقنع الناس أن الأمر تغير. إن كنت تريد إقناعنا أن المفسدين يحاسبون اخبرني ما خطب القوى السياسية الحقيقة: زكريا عزمي، عمر سليمان، صفوت الشريف، جمال مبارك، --احم-- الحزب الوطني بالكامل تقريبا...الخ ...الخ

6- طب مين اللي حيحكم غير شفيق؟

نعم، لأن البلد خاوية تماما من الشرفاء ذوي الكفاءة. ثم لو كان لديك طباخ يضع السم في الطعام، هل تتركه يفعل ذلك بسبب صعوبة العثور على آخر؟

7- ده تسيير أعمال! تسيييير أعمااااااااال!

أليس تسيير الأعمال معناه أن الداخلية، الخارجية، الأمن، الاقتصاد، الإعلام....الخ...الخ مازالوا في يديه؟ نحن نمر في أحرج مرحلة في حياة بلدنا، وأعتقد أن تسيير الأعمال حاليا سيكون له عواقب كبيرة جدا. أليس من حقنا أن نطلب شخصاً ذو مصداقية لذلك؟

8- حنبقى زي تونس! حنبقى زي ليبيا! حنبقى زي إيران!

إلى متى سيكون الخوف سببا لإيقاف إصلاح حال البلاد؟ اعطني أدلة على ما تقول. ملاحظة: الشائعات غير الأدلة.

9- طيب ضمانات إيه اللي انتوا عاوزينها؟
أشياء كثيرة، منها:
  • محاكمة عناصر الفساد الكبرى (لا اتكلم عن احمد عز، راجع السؤال رقم 5).
  • إنهاء حالة الطواريء
  • ان تتعامل وسائل الإعلام بمصداقية ولا تكون مجرد ابواق للحكومة
  • الشفافية في التعامل وتقديم جداول أعمال محددة وضمانات، وعدم الاكتفاء بكلمة "ثقوا بنا" (أو بمعنى اصح عدم الاكتفاء بكلمة "عاوزين ايه يعني؟؟ ترجعوا المظاهرات؟ طب ارجعوا!!" التي قالها شفيق في مؤتمر صحفي)
  • لا يمكن أن تتم انتخابات في ستة أشهر إلا انتخابات "مكروتة"، وفي نفس الوقت ابقاء المجلس العسكري مدة أطول ربما يقوي نفوذهم مع الوقت ويعرضنا لاستمرار الحكم العسكري. فكرة لجنة رئاسية مؤقتة مكونة من أشخاص مرموقين مشهود لهم حل يضع نفسه بقوة.
  • اطلاق سراح المعتقلين السياسيين، الذين قبض عليهم بعد الثورة أو قبلها. هؤلاء بشر حقيقيون فقدوا حريتهم أو يعذبون وليسوا شعارا سياسيا نتجادل حوله.

الجمعة، 25 فبراير 2011

هل المتظاهرون حقاً شباب أهوج عديم الصبر؟

غريبةٌ هي علاقة الناس بالمتظاهرين، لا يدرون أيحبونهم أم يكرهونهم. كل يوم بحال.

أنا الآن أتابع قناة "الجزيرة مباشر" على الإنترنت، وهناك رجل يسكن في التحرير يتكلم عن ضرب الشرطة العسكرية للمعتصمين في الميدان الآن (2:25 فجراً). منهم فتيات يُضرَبن. هذه هي الحكومة العظيمة التي نعرفها. طبعاً تخطيطهم واضح: الثانية ليلا، المتظاهرون قليلون، الناس نائمون. مازال اللصوص يتصرفون كلصوص. (تعقيب: فيديو يصف ما حدث)

ليست هذه هي أول علامة: ألم تلاحظ التلفزيون المصري كيف يحاول أن يجعل الشعب يتعاطف مع الشرطة؟ هل رأيت مدير أمن دمنهور كيف يهدد الشعب ويقول ان "اللي يمد إيده على سيده تتقطع إيده"؟ (ملاحظة: لفظ بذيء جدا في الفيديو السابق).

اعلم أنه هناك كلام وراء الكلام، وحينما تحدث هذه الأشياء فهي علامات لأشياء أكبر: لديّ فكرة أكوّنها حالياً عن خطتهم:

في ثورة 25 يناير والايام التي تلتها لم يكن الأمن المركزي مستعداً لما حدث وأُخذ على غرة، وهذا أدى لحدوث مكاسب كثيرة للثورة. أعتقد أن الحكومة تنوي الآن عدم إعادة هذا الخطأ. خطتهم في نظري تبدو أنهم:
  • يؤلبون الرأي العام ضد المتظاهرين وانهم يكرهون كل شيء وأن أحمد شفيق رجل نزيه...الخ...الخ
  • يستدرون تعاطف الشعب تجاه الشرطة استعدادا لإعادة نزولهم للشارع.
  • استخدام كل الطرق الممكنة، أمن مركزي أو غيره، لإعادة سيطرة النظام القديم على البلاد، بينما عامة الناس يحسبون أننا "خلاص انتصرنا".
قد مللنا الذين يبحثون عن أي شخص يثقون فيه. أحمد شفيق نزيه! الجيش حبيبنا! اصبروا يا جدعان على الحكومة حتى لو كلها النظام القديم! بعد ست شهور حتبقى تيجي حكومة جديدة حلوة! قشطة!!!

الثقة شيء يُكتَسب لا شيء يمنح. لو أردنا الثقة في أحد فلابد أن يثبت مصداقيته بأفعاله. ثم لا، الإشراف على مطار مدني ليس دليلا كافيا على النزاهة ولا الكفاءة لإدارة دولة ولا تسيير أعمالها. احمد نظيف أدار وزارة الاتصالات بكفاءة، أنظر ماذا حدث بعد ذلك.

ألم يكن شفيق هو الذي يريد وقف المظاهرات منذ توليه رئاسة الوزراء بينما مبارك مازال يحكم؟ ألم يكن هو الذي رفض رحيل مبارك وقال "لقد قمتم بعمل تقويم المسار وحققتم أهدافكم، ولن نفعل لكم أكثر من ذلك"؟ هل هذا هو المسار القويم الذي يتحدث عنه؟ التلفزيون الذي مازال يكذب؟ الشرطة التي مازالت تهدد؟ المتظاهرين وهم مازالوا يُضرَبون؟ أحمد زكي بدر يتحدثون عن تعيينه محافظاً للقاهرة؟ هل هذه نكتة؟

لم تنته الثورة بعد.

خطة للنهضة(2): إصلاح موزع، بيئة مفتوحة، ضربات جراحية

[المحتويات: الجزء الأول، الجزء الثاني (هذا المقال)، الجزء الثالث، الجزء الرابع]
إصلاح اجتماعي موزّع

الخطة التي اقترحها ليست "خطة" بالمعنى التقليدي. ليس فيها توزيع لأدوار ولا مراحل أو deadlines أو كل هذا، بل إنه حتى الخطة نفسها لن تكون مكتملة تماما: ستكون بها أجزاء موجودة وأخرى سأترك الناس ليكملوها هم. والأجزاء التي سأقدمها ستكون لها مكونات أنضج من الأخرى.

لن يكون هناك قيادة مركزية تتولى تنسيق كل الأدوار في الخطة، بل سيكون الموضوع في صورة معلومات وأفكار متاحة للجميع، ويساهم فيها الجميع، والكل ينفذها بطريقته سواء وحده أو في فريق يكونه أو ينضم له (يمكن لذلك الفريق أن يصغر أو يكبر لأي حجم). لو أرادت مؤسسة أو جهة حكومية أن تشارك في الخطة فمرحباً بها، لكن يجب عدم الاعتماد على تلك المؤسسة بالذات ولا تحويل الخطة لخطة حكومية لأن هذا سيكون له ثمن سندفعه من صلابة الخطة ومتانتها كما وصفت في المقال السابق.

لماذا هذه الطريقة الجديدة؟ الم يكن الأفضل عمل خطة تقليدية فيها توزيع للأدوار والمراحل وتثبيت للإدارة؟ أليس الأفضل تقديم خطة مكتملة من البداية؟ ما الهدف من كون الخطة "متوزعة" بدلا من "ممركزة"؟

لديّ أربعة أسباب قوية لما أفكر فيه. الخطة الموزعة (1) أسهل انتشارا وأكثر كفاءة. (2) تبقينا صادقين. (3) تشجع بيئة من التجريب والحرية. (4) أليَن مع الأخطاء.

1- أسهل انتشارا وأكثر كفاءة: أنا لا أريد أن انتظر حتى يجتمع فريق من الناس ثم يختارون قيادة ثم يضعوا جدول أعمال ثم...ثم... هذا معناه تقريباً أن الخطة ستتوقف قبل أن تبدأ. أنا أريد أن أبدأ الآن.

أيضاً إن ألزمنا أنفسنا بخطة مركزية فذلك سيساهم في جعل نشر تلك الخطة أصعب لأن كل شخص يود المساعدة سيجب البحث له عن دور في "الفريق الرسمي"، ولو كان موجوداً بالفعل من يقوم بهذا الدور فسنجد أنفسنا نرفض الوافد الجديد لأن دوره متكرر. ولو حدث خلاف بين "القيادات" فسيتعطل التقدّم.

لكن في حالة الخطة الموزعة من أراد أن يساهم فما عليه سوى أن يأخذ فكرة وينفذها بدون الحاجة لإذنٍ ولا تفاوض، ولو اختلف اثنان على طريقة التنفيذ فالحل بسيط جدا: فلنجعل الأمرَ علميّاً وليس بالآراء، وكل منهما له حرية تطبيق طريقته الخاصة كما يشاء، فالطريقة الناجحة يثبت نجاحها تجريبياً والطريقة غير الناجحة نستفيد من دروسها.

ثم أن الخطة الموزعة تعني انه لا حد أقصى لفريق العمل، وتحل مشكلة تكرار المواهب (أي لو وجدنا شخصين يقدران على نفس الدور فيمكن لكل منهما أن يعمل في فريق مستقل ولا داع لاختيار أحد منهما في الفريق "الرسميّ").

وأخيرا، فإن بعض أجزاء الخطة يحتاج أبحاثاً لشهورٍ أو سنينٍ قبل أن يكتمل. والسماح بأن تكون الخطة غير كاملة يعني أنه يمكن البدء في الأجزاء الموجودة بغير تأجيل، ويعني إعطاء الفرصة للآخرين أن يكملوا الناقص هم، ربما بأفضل من صاحب الخطة الأصلي.

2- تبقينا صادقين: في المؤسسات التقليدية كل مدير له سلطة رسمية وسلطة فعالة. أما السلطة الرسمية فتتبع من مركزه ودوره الإداري. وأما السلطة الفعالة فتتبع من كونه على حق وقدرته على إظهار ذلك الحق للناس وقدرته على التنسيق بين أهدافهم وأهدافه. السلطة الفعالة غالبا ما تكون أقوى، وغالبا ما تكون هي السلطة الحقيقية.

تحويل الخطة لخطة موزعة معناه التنازل عن كثير من السلطة الرسمية. من الآن ستكون انت وأفكارك أمام الناس: لا يوجد مركز تختبيء وراءه ولا سبب رسمي يجعل احد يتبعك. لا تعود عبارة "نفذ كلامي لأني القائد" كافية.

هنا تكون الطريقة الوحيدة أمامك للتأثير على الناس هي أفكارك وكلمتك. عليك إذاً أن تسعى لأن تظل على حق طوال الوقت، وتظل طوال الوقت مقنعا. وهذا هو المطلوب.

3- بيئة للتجربة الحرة: التقدّم في أي مجتمع أو مؤسسة يعتمد على توازن بين حسن الإدارة (منعا للفوضى) وبين حرية التجربة والمخاطرة (منعا للجمود). ونحن الآن في عصر جديد والمجتمع يتغير من حولنا والتجربة الآن لها أهمية قصوى بأن القواعد التقليدية لم تعد تكفي. الخطة الموزعة تعني أن كل شخص متأثر بالخطة يمكنه أن ينفذها بأسلوبه الخاص ونمطه. ولعلها مع الوقت تتحور وتتشكل حتى تأتي في صورة لم يتوقعها حتى أصحاب الأفكار الأصلية!

أتمنى أن اجد سبعة فِرَق ينفّذون نفس الفكرة بسبعة طرق مختلفة. أتمنى أن يحدث "تفريخ" للأفكار بحيث تلد كل فكرة أفكاراً أخرى. أتمنى أن يجرّب كل شخص ما يريد بشجاعة وبدون انتظار إذنٍ من "المدير".

4- أليَن مع الأخطاء: ماذا لو كانت الخطة مخطئة؟ ماذا لو كانت صحيحة ونُفّذت بالطريقة الخطأ أو حتى نُفّذت جيداً لكن لم يكن الحظ مواتياً؟ لو تحقق ما أرجو فلن تكون تلك مشكلة كبيرة لأنه سيكون هناك -إن شاء الله- عشرات الفرق ومئات أو آلاف الأفراد كلٌ يجرب بطريقته الخاصة ومجاله الخاص، وهكذا تجد الخطة تدخل في اتجاهات جديدة وتمر من حول الأخطاء كتيار الماء يمر من حول الصخرة.

(وحين نقرأ عن مزايا الdistributed computing، ألا نجد من أهمها الfault tolerance؟)

ولو فشل فريق من الفرق فلديهم وقت إن أرادوا يستعيدون فيه أنفاسهم، ويتعلّمون من أخطائهم، ويعاودون المحاولة بدون أن يؤثر ذلك على باقي الخطة.

بيئة مفتوحة

لما سبق أتمنى أن يكون نشاط النهضة في مجتمعنا في بيئة فكرية حية. فكر في الموضوع مثل مشاريع الOpen source: الخطط معلنة ومفتوحة. من حق أي شخص أن يستفيد منها أو أن يعدل عليها أو يفرّع منها مشاريعا جديدة، والتعديلات الأفضل تعود لصاحب المشروع الأصلي ليضمها إلى جذورها الأولى. الكل يتبادل الخبرات والمعارف، والخطط الأفضل هي التي تزدهر.

إن مشاريع الopen source تعلمنا أن حرية التجربة -على المدى الطويل- كثيرا ما تفوق التصميم المركزي، وإن مشروعا مثل Linux صار يتقدم ويزداد ابتكارا لأن كل مبرمج مبدع يمكنه أن "يلعب" فيه بغير إذنٍ ولا تكلفة. ولم يؤد هذا لتطور Linux فحسب بل صار له أيضا "أولاد" مثل Android. فلنجرب التخطيط بمثل هذه الطريقة إذاً.

وأخيراً: نحن قد جربنا ثورة شعبية بلا قائد. فلماذا لا تكون النهضة -هي أيضا- نهضة مجتمع لا نهضة قائد؟

ضربات جراحية

نأتي الآن لنقطة مهمة جداً: أنا أريد الخطة متوزعة على أفراد أو فرق صغيرة وكبيرة، فهل هذا واقعيّ؟ أليست الحكومات والمؤسسات الكبرى هي التي تستطيع أصلاً فعل شيء لأن لديها الأموال والموارد والتنظيم...الخ...الخ؟

ليس ذلك واقعياً جداً. إنه ببعض الإبداع وبعض التكنولوجيا (والإبداع أهم من التكنولوجيا) يستطيع الفرد الواحد أن يفعل ما يفعله مائة.

(أنظر لدور الفيسبوك مثلاً في الثورة المصرية.)

نحن نريد في خطتنا أن نركّز على الضربات الجراحية. إنّ الجراح الماهر يضرب بالمشرط في المكان الصحيح فتجده قد عالج المرض في ثوانٍ، ونحن بدورنا نريد أن نخطط لتحقيق أهداف تؤثر على آلاف من الناس بأقل موارد ممكنة.

مثال على ذلك مثلاً أكاديمية سلمان خان، وهو أمريكيٌ من أصلٍ بانجلادشيّ أراد أن يساعد في مجال التعليم فقام بعمل تسجيلات فيديو يشرح فيها المواد المدرسية من الرياضيات والعلوم لكل المراحل ووضعها على الإنترنت. مثل هذا العمل يمكن أن تكون نتيجته كفتح مدرسة في كل مكان به إنترنت! ثم أنه أتى آخرون وبنوا هم على المنصة التي وضعها (مثلاً شركة عربية قامت بنشر فيديوهات لهذه الدروس مترجمة)، ويمكن لأفراد أو مجموعات التدريس بهذه المواد أو الإضافة إليها؛ وهكذا تتحرك عجلة التعليم...

نحن نريد إذاً نشر روح الضربات الجراحية في نهضتنا، ونريد للناس أن يفكروا في هذا الاتجاه، وأن يفعلوا ذلك بحرية وبدون الحاجة لإدارة مركزية، وأن يكون هناك اهتمام خاص بمحاورنا الثلاثة: العمل بالإسلام، الطبقة الوسطى القوية، العلم المستشري.

في الجزء الثالث أقدّم لك أمثلة للضربات الجراحية في كلّ من هذه المحاور :)

الثلاثاء، 22 فبراير 2011

خطة للنهضة(1): المجتمع الذي نعيش فيه

[المحتويات: الجزء الأول (هذا المقال)، الجزء الثاني ، الجزء الثالث، الجزء الرابع]

انظر نظرة سريعة إلى ما نحن فيه الآن...

قد خرجنا لتونا من ثورة (أو انتفاضة)، وهناك حديث كثير عن الديموقراطية، والتقدم الاقتصادي، والبحث العلمي، وعن دولة جديدة.

لكننا لا نستطيع أن نفعل كل ذلك ونحن كما نحن نفس الأشخاص. كل خطوة من الخطوات السابقة لها ثمن فكري لابد أن نجهز لدفعه. لا أتكلم فقط عن "الاستعداد للديموقراطية" أو "ثقافة الديموقراطية" التي يتحدث عنها البعض، بل أتكلم عن مستوىً فكريٍ شامل في كل مجالات الحياة، دينية وسياسية واقتصادية وعلمية واجتماعية...

هناك شيئان أركّز عليهما هنا:
  • المستوى الفكري العام للمجتمع
  • القيم الاجتماعية
(لا أقصد القيم بمعنى الأخلاق فقط...بل بمعناها في علم الاجتماع؛ مثلا المجتمع الأمريكي يحب فكرة فتح الشركات وعمل المشاريع، المجتمع الاوروبي له قيم متعلقة بالحرية الفردية "أحترم حريتك إن لم تتعد على حريتي"....الخ، وعلينا ان ننتقي القيم المرغوب فيها ونفصل بينها وبين غير المرغوب فيها. سيتضح الأمر بعد قليل).

لماذا هاتين النقطتين؟ تعال نتكلم أولا عن الإسلام وحياتنا.

هناك في كثير من الناس فقر بالمعرفة الاسلامية. بدايةً من مباديء الحياة اليومية (كثير من الناس لا يعرف كيفية التيمم مثلا) ومروراً بمعنى كلمة "فتوى" وشروط من يفتي، والتمييز بين فتوى علمية ورأي شخصي. هذا الفقر يؤدي لأن يكون المجتمع معرض لمن يريد تضليله. معرض لأن يأتي أي شخص يقوم بارتداءِ جلبابٍ ويبدأ في الحديث عن الإسلام كأنه يعي ما يقول ويقدم لك سيلاً من المغالطات، ومن الناس مَن قد يتأثر بهم لعدم معرفته بأي شيء عن الفتوى والفقة.

ثم ونحن الآن نتكلم عن الديموقراطية ودولة جديدة ودستور جديد سيكون أمامنا تحدٍ كبير يتمثل في الصراع بين الإسلام والعلمانية (العلمانية هي الدعوة للحكم بالقوانين البشرية والفصل بين الدين والدنيا، والكلمة اصلها مرتبط بـ"العالم" -المقصود الدنيا- وليس بـ"العلم"). في بدايات القرن الماضي كان هناك حوار وطني طويل بين الراغبين في الحكم بالإسلام وبين العلمانيين، دار هذا الحوار في الكتب وفي الصحافة وفي الندوات وحتى على المقاهي، وأتوقع الآن أن يدور مثل هذا الحوار وقد يأخذ سنيناً طويلة..

نقطة مهمة هي أنه في بدايات القرن الماضي كان الناس على درجة واسعة من الثقافة، وكنت تجد كتابا عن المجتمع المصري مؤلفه موظف بالبريد أو مقالاً كتبه مدرس ثانوي...كان المجتمع كله على مستوىً فكريٍ عالٍ يسمح بأن يكون الجميع طرفاً في الحوار، إما مستمعاً وإما مشاركاً، ويسمح للحوار أن يكون على مستوىً راقٍ يبتعد عن السطحية. فإن أردنا أن يكون الحوار الحالي بنفس القوة فيجب تجهيز المجتمع نفسه فكريا لذلك، وإلا بدلاً من أن يكون حواراً قوميا فسيكون حوار في قاعة كذا فندق كذا ولم يستمع له أحد.

هناك أيضاً دور مهم للعلوم البشرية في هذا الحوار، ودور لها في العلوم والأنشطة الإسلامية عموما، من فقه وتفسير ودعوة...الخ
كيف نستفيد من النظريات القانونية الحديثة في الفقه الإسلامي؟ ماذا عن النظريات السياسية الحديثة والحكم الاسلامي؟ ماذا عن الاقتصاد الإسلامي؟ السياسة الخارجية الإسلامية؟

ما المنافع الاقتصادية من تحريم الربا؟ ما المشاكل الاجتماعية التي يحلها السماح بتعدد الزوجات؟ ألا ينبغي الاستعانة بالأبحاث في مثل تلك المواضيع أثناء الدعوة للإسلام؟ أبحاث حقيقية مؤكدة بالأرقام والإحصائيات وليس مجرد اجتهادات فكرية؟

[ملاحظة: هناك بالفعل مؤسسات إسلامية تجري مثل هذه الأبحاث وأكثر؛ هدفي هنا ليس نقداً أو القاء لومٍ على أحد بل التوعية بأهمية العلوم الدنيوية في خدمة الإسلام]

ماذا عن العلوم الأخرى مثل النحو ودوره في التفسير وما شابه؟ هناك محاولات كثيرة ظهرت لتطوير علم النحو العربي، بعضها بعيد عن الصواب والآخر قد يكون قد اقترب من الصواب (إلى حد ما)، ألا ينبغي أن يكون هذا نشاط يعترف بأهميته المجتمع كله ويقوم به الكثير بدلاً من أن يكون نشاطاً فردياً؟ إنني أرى من علامات النهضة في أية مجتمع اهتمام الناس بلغاتهم؛ وفي النهضة الأوروبية ظهر نشاط واسع في كتابة القواميس وضبط قواعد اللغة الانجليزية (مثلا)، وحتى الآن في بلاد مثل أمريكا تجد الناس ينقدون من يرتكب الأخطاء الإملائية أو النحوية بينما لدينا لا تجد قيمة اجتماعية لهذا الموضوع في الأصل -- أو بمعنى أصح كان لدينا هذه القيمة بشدة ثم اندثرت.


الآن تعال نتكلم عن الاقتصاد. من أهم الأشياء في أية مجتمع أن يكون لديه طبقة وسطى قوية (الطبقة الوسطى هي بين الأغنياء شديدي الغنى والفقراء -- مثلا الأطباء، أساتذة الجامعة، فئة من التجّار، المبرمجون). هذه الطبقة لديها ما يكفي من الاطمئنان الاقتصادي لكي تبدأ في التفكير في المجتمع من حولها، وفي الحق والباطل والعدل والظلم والنهضة العلمية، بينما إذا انقرضت تلك الطبقة ستجد كل شخص مشغول في كسب الرزق أو سداد الديون فلا يجد متسعا لما وراء ذلك.

الديموقراطية في أوروبا نفسها بدأت بظهور طبقة من الحرفيين والتجار والصناع نمت شيئا فشيئا حتى قويت وتركز جزء كبير من ثروة البلاد في أيديهم فلم يعد الملوك يستطيعون السيطرة على هؤلاء كما كانوا يفعلون مع الفقراء، فاضطروا لإرضائهم والتنازل لهم عن السلطات شيئا فشيئا.

نريد إذاً - إن استطعنا - أن نغير قيم المجتمع بحيث يكون المجتمع أقدر على تكوين تلك الطبقة الوسطى وتنميتها والحفاظ عليها.

من القيم التي نريد تغييرها هي قيمة تفضيل الأمان على الطموح (مثلاً تفضيل الوظيفة المستقرة على فتح شركة). ومن المستويات الفكرية التي أتمنى رفعها هو فكرة ادارة الناس لأموالهم؛ إن معظمنا علاقته بأمواله بسيطة جدا: خذ المرتب أول الشهر، انفق بعضه وادخر بعضه، انتهى؛ بينما في مجتمعات اخرى هناك علوم كاملة لإدارة الأموال الشخصية تشبه إدارة أموال الشركات: كم تدخر؟ كم وأين تستثمر؟ كيف تحدد لنفسك اهدافا اقتصادية للمدى الطويل (مثلا سنة كذا أريد شراء بيتا أوسع) وكيف تتقدم نحو هذه الأهداف؟

أيضا لابد أن يفهم الناس مباديء الاقتصاد كي نستطيع عمل حوار قومي عن دور الدولة في أشياء محددة. مثلا أنا ممن يؤيد بشدة فكرة مجانية التعليم ويرى أنها حاجز واقٍ للمجتمع، ووسيلة للحراك الاجتماعي (مثل انتقال فرد من الطبقة الفقيرة للطبقة الوسطى)، وضرورة أساسية للنهضة العلمية. هناك من يخالفني في هذا، لكن إن أردنا أن يكون حوارنا علميا لا آراء شخصية، وأن يكون حوارا وطنيا لا حوار افراد، فيجب أن يكون المستوى الفكري للمجتمع أعلى وأن يعرف الناس شيئا عن علوم الاقتصاد والاجتماع.


نأتي الآن لفكرة أخرى: فكرة العلم المستشري.

كل حين نسمع عن إحصائية على غرار "الأوروبي يقرأ س من الكتب كل عام، الياباني يقرأ ص من الكتب كل عام..." ثم في النهاية لابد من الإحصائية المضحكة عن العربي الذي يقرأ في المتوسط كتاب ونصف في العام.

دعنا من السخرية من أنفسنا قليلاً ولنفكر بالعكس: ما الذي يجعل الأوروبي يقرأ كل هذه الكتب أصلاً؟ وماذا سيستفيد من هذا؟؟

إجابة الجزء الأول هي أنه يقرأ هذه الكتب لأن المعرفة هي قيمة اجتماعية لديه في حد ذاتها. لا ينبغي أن يكون سيحصل على شهادة أو وظيفة لكي يأتي بكتاب ويقرأه بل هو يحب إثراء ثقافته كما يحب غيره المركز الاجتماعي مثلاً.

الجزء الثاني: وهل سيفيد هذا؟ أجل:

أولاً لابد أن يتعرف الناس على العلم ليدركوا كيف يسير البحث العلمي وكيف تتقدم الأمم علمياً. تخيل مثلاً لو أرادت الدولة في مصر تخصيص مائة مليون جنيه للبحث العلمي وتم تقديم اقتراحين: انفاق المائة مليون كلها في تطوير طائرة نفاثة جديدة أو انفاق خمسين مليون للطائرة النفاثة وخمسين لتطوير نظرية رياضية جديدة. أخشى أن يأتي الكثير ممن يطالبون بوضع المال المخصص كله للطائرة النفاثة، وأن تجد الناس يشكون من هؤلاء المغفلين الذين يريدون تضييع نقود الدولة في المعادلات الرياضية!

وقد حدث موقف مشابه معي وانا طالب بالفرقة الأولى في الكلية: جاء التلفزيون ليرى مشاريع التدريب الصيفي التي قام بها الطلبة، ووقفوا طويلاً أمام موقع للأنترنت قام اصدقائي بتصميمه واعتبروه خطوة جميلة للأمام ثم جاء دور مشروع فريقي أنا، وبدأت أتحدث عن برنامجنا الذي يحسب العمليات الحسابية ويرسم الدوال ويشتقها. هذا لم يقفوا أمامه كثيراً ووجدت أحدهم يعلق بأن يقول أنني "بتاع الدوال". هذه مشكلة؛ إن علم التفاضل والتكامل وما تفرع منه هم مكون اساسي في كل الاختراعات تقريباً في القرون القليلة الماضية: الطائرات، الاقمار الصناعية، المصانع، الكمبيوتر، وحتى كاميرا التليفزيون التي يحملها ذلك الشخص، لم تكن لتظهر لولا علوم الدوال الرياضية. وإن أردنا أن نخترع أي من هذه الأشياء فيجب أن يطلع الناس على العلوم ويعرفوا كيف يساهم كل علم في التقدم البشري ولماذا يدرسه الناس أصلاً.

ثانياً، العلم لابد أن يكون قيمة اجتماعية ليكون الدافع للتقدم العلمي داخليا (يريده الناس بأنفسهم) لا خارجيا (يريده الناس من اجل مكافأة أو خوفاً من عقاب). لو نظرنا مرة أخرى لفترة النهضة الأوروبية كنا سنرى الاختراعات تأتي متتالية وراء بعضها؛ هذا يطور مضخة فيأتي هذا ويطور محركا ويأتي هذا فيطور العدسات فيأتي ذاك يطور التلسكوب ويأتي هذا فيطور الميكروسكوب فيأتي هذا يكتشف الجراثيم فيأتي هذا يكتشف المضاد الحيوي...كل ذلك معناه أن الاختراع قد صار شيئاً في دماء فئةٍ كبيرةٍ من الناس وليس فقط في يد وزارةٍ للبحث العلميّ أو في مركزٍ للأبحاث. معنى هذا أن الناس أنفسهم كانوا متعطشين للعلم والاستكشاف.

ثالثاً، أنت لا تعرف متى ستأتي فائدة للمعلومات التي تقرؤها من الكتب في حياتك. الباحثون في علوم الكمبيوتر يستفيدون مثلاً من الأحياء والفيزياء (فكر مثلاً في مصطلح حوسبي مثل "neural network" أو "polymorphism" أو "simulated annealing")، مؤسسو المواقع مثل Facebook يستفيدون من علم الاجتماع، تفكيري الشخصي في موضوع النهضة بدأ من قراءة في التاريخ. ثم أن كل منا بحكم كونه مواطن يريد أن يعيش في دولة ديموقراطية عليه أن يفهم شيئاً من الفقه وعلوم الاجتماع والاقتصاد ومباديء البحث العلمي...الخ كما ذكرنا.

نحن نريد أن يكون العلم هو نشاط اجتماعي كامل يشارك فيه جميع الشعب بكل فئاته صغاراً وكباراً؛ وأن يكون له قيمة اجتماعية تجعلهم يعملون ويبحثون ويتطلعون إلى أهداف أكبر فأكبر.


قد عرفناً إذاً الاتجاهات التي أرغب أن تسير فيها في خطتنا للنهضة، وعرفنا فكرة رفع المستوى الفكري وتغيير القيم الاجتماعية. يبقى شيء أريد أن أقوله:

أتمنى، إن شاء الله، أن تكون خطتنا للنهضة هي خطة صلبة أو متينة. لا أقصد الصلابة بمعنى الجمود وعدم المرونة ولكن أقصد الرسوخ والثبات أمام العوائق (فكر في مثل كلمة robust في هندسة البرمجيات التي تعني أن يكون النظام البرمجي ثابتاً أمام الأخطاء البرمجية أو حتى مشاكل ال hardware).

بتفصيل أكثر عن نقطة الصلابة، أنا أسأل هذه الأسئلة عن خطة النهضة المقترحة:
  • هل هي تعتمد على الحكومة بحيث لو زال الدعم الحكومي تزول الخطة؟ (ونحن نسمع كثيراً عن الوزير الجديد الذي يأتي فيلغي كل مشاريع الوزير السابق، ولا أتوقع أن يختفي هذا بين يوم وليلة).
  • هل هي تعتمد على مؤسسة معينة أو شخص معين تختفي باختفائهم؟
  • هل قيادتها مركزية بحيث إذا مات قائدها أو يئس أو اختلف مع باقي الفريق تتعرقل الخطة؟
  • هل يمكن تطبيق هذه الخطة في مجتمعات عديدة وظروف مختلفة أم انها مناسبة لبيئة اجتماعية، وتلك البيئة فقط؟
  • هل ستستفيد الخطة من التطورات التي تحدث اجتماعيا وسياسيا وتكنولوجيا أم انها جامدة لا تتطور؟
خلاصة
  • خطتنا تعني برفع المستوى الفكري للمجتمع وتغيير القيم الاجتماعية.
  • خطتنا مبنية على ثلاثة محاور: العمل بالإسلام، طبقة وسطى قوية، علم مستشري.
  • نود أن تكون خطتنا صلبة، لا تعتمد على قيادة معينة أو دعم حكومي ، تستفيد من التغيرات التي تحدث حولها وتقبل التطبيق في مجتمعات كثيرة.
وهل يمكن أن يكون هناك خطة بهذه المواصفات؟ وما شكلها إن وجدت؟

اقرأ الجزء الثاني!

الأحد، 20 فبراير 2011

علّم أخيك البرمجة في 2011

كنا نريد أن نطلق الحملة القومية لتعليم المبرمجين اخوتهم البرمجة في ما تبقى من اجازة نصف العام وما بعدها استعداداً لتعليم الأطفال جميعاً.

وقد تطوع محمد سامي بعمل لغة برمجة عربية بها إمكانات للرسومات والألعاب وإنجاز شوط كبير في تأليف كتاب تعليمي لهذا الغرض، لكنه لا يتمسك باستخدامها تحديداً. "لو مش عاجباك كلمات علّمهم بأي حاجة مش مشكلة" على حد قوله.

وفي سؤال عما يمنعه من وضع صفحة لهذه الحملة على الفيسبوك أو الدعاية للغة عموما، أجاب بأن اللغة لم تختبر بشكل كاف بعد، وهو لا يريد أن يطلق في وجه أطفال الوطن العربي برنامجاً مليئا بالbugs.

وأضاف أن أداه بهذا التعقيد لابد من اختبارها بعمل برامج كثيرة بها، ويكون كل برنامج على مستوى من التعقيد بحيث يكشف أي ثغرات في تنفيذ اللغة لم يتوقعها مؤلف اللغة نفسه.

وحين سئل عن سبب عدم قيامه هو بهذه الاختبارات، رد بأنه قد مر عليه أكثر من عام وهو يكتب اللغة نفسها، وأنه لا يستطيع أن يقوم بكل شيء في نفس الوقت لأنه -- على حد قوله -- شخص واحد فحسب. ثم ألقى بالمايكروفون وانصرف غاضباً.

سألناه في وقت لاحق عما يمكن عمله إذاً لاختبار اللغة فقال أنه هناك ثلاثة أجيال من طلبة الحاسبات قد تعلموا في التدريب الصيفي أداة اسمها g4c وأن أوامر الرسم في كلمات تشبه الg4c كثيراً، ولو قامت نسبة من هذه الأجيال الثلاثة بإعادة كتابة مشروع الg4c الخاص بهم بلغة كلمات وارسال له تقارير بأي bugs تكتشف عند تنفيذ المشروع فسيساعده ذلك جداً. لو كانت برنامج الg4c بالذات هناك مشكلة في كتابتها فأي برنامج ينفع، لا بأس.

وكيف يمكن تعلم هذه اللغة للمبرمج العادي (وليس الطفل)؟

قال: يمكن تحميل اللغة من هنا وتعلمها من خلال هذه الوثيقة أو هذه. أيضا بريدي الإلكتروني في العمود الأيسر من مدونتي؛ من يريد المساعدة بطريقة أخرى مثل كتابة مواد تعليمية، تجربة تعليم اطفال حقيقيين بها، أو أي شيء آخر يمكنه أن يخبرني إن أراد.

الخميس، 17 فبراير 2011

أريد أن أتحدث!

أعزائي المشاهدون...

لديّ أفكارٌ للنهضة. أفكر فيها منذ منتصف عام 2008، وقد بدأت العمل فيها بنفسي منذ 2009، لكن العمر قصير وما أنا إلا شخص واحد. لابد أن يأتي وقت أطرحها فيه على الناس.

هذه الخطة مستمدة من أشياء كثيرة: التاريخ الاسلامي، التاريخ الأوروبي، أفكار تكنولوجية، افكار كثيرة كثيرة "سرقتها" من ملاحظتي للناس داخل وخارج مصر.

هذه الخطة طويلة، لذا لم أكلم الكثير عنها بالكامل، وكلما أردت أن أستعين بأحد أخبرته بالجزء الذي أريده منه فقط. هذا قد أدى إلى أن كل شخص يرى منها قطعة صغيرة، وأدى إلى أن يدور مثل الحوارات الآتية:

أنا: لديّ خطة للنهضة
صديقي: أجل، أنت تريد عمل لغة كلمات..أليس كذلك؟

أنا: لديّ خطة للنهضة
صديق آخر: أجل، أنت تريد فتح شركة على مستوى Microsoft

أنا: لديّ خطة للنهضة
صديق ثالث: مجلس العلم في الكلية؟

كما ترى عزيزي القاريء، فإن هذه النوعية من الحوارات ليست مثمرة جدا؛ لكن الخطأ خطئي على أية حال: أنا من النوع الكتوم الذي لا يقول كل شيء مرة واحدة. لابد من تغيير الأسلوب بعض الشيء. الخطة أكبر من كل هذا. انها شيء على مستوى المجتمع كله. لابد أن يكون ذلك واضحاً.

أريد أن أتحدث، لكن كيف؟ الخطة "مكتوبة" لكن في صورتها الحالية غير "مقروءة". أنا من النوع الذي لا يكتب الشيء واضحا من اول مرة، ولابد أن ينقحه عشر مرات قبل أن يكون للكلام معنى. والوثيقة طويلة وتنقيحها بهذه الصورة ليس سهلا. والوقت يمر. أريد أن أستغل موجة الرغبة في الاصلاح الحالية ولذا عليّ أن أتحدث بأسرع وقت.

سجلتها صوتيا، لكن...لا أريد أن أضع ملفا صوتيا على الأنترنت لأسباب تتعلق بشخصي الخجول. أنا أكتب هذه المدونة "بالعافية" أصلا :(

فكرت في دعوة الأصدقاء/من يهتم إلى جلسة أصف فيها الخطة. هذا شيء حسن لكن تنسيق مثل هذه الاجتماعات عملية لوجستية كبيرة. ربما يمكن ان أدعو صديق أو اثنين في المرة. هذا أسهل.

إن الأفكار في عقلي سجينة منذ عامين أو أكثر؛ ومثل شعب مصر هي الآن تقوم بمظاهرة هي الأخرى، تريد أن تكسر القفص وتخرج إلى عقول وآذان الناس.

ربما لو خرجت تلك الأفكار يتضح أنها ساذجة أو غير واقعية. لكن حتى هذا هو نتيجة مقبولة بالنسبة لي. على الأقل سأعرف. ربما حتى أجد وسيلة لتحسينها.

صبراً أيتها الأفكار! اهدئي! أريد أن أحقق لك ما تطلبين. أريد أن أتحدث...لكني لا أعرف كيف!

السبت، 5 فبراير 2011

أسئلة للأستاذ أحمد شفيق رئيس الوزراء

سؤال النوايا

قال الرئيس حسني مبارك في بيانه الثلاثاء أنه لم يكن ينتوي ترشيح نفسه من الأصل. لماذا لم يحقن الدماء إذاً ويقول ذلك منذ أول يومٍ للمظاهرات؟ هل لأنه -كما ترددون دائما- رمز لا يجب المساس به؟ لو كان قد فعل ذلك وأنقذ مئات الأرواح لكان ذلك موقفاً يضيف إلى رمزيته المزعومة لا ينقص منها.

سؤال الجِمال

كيف سمح الجيش بدخول البلطجية يوم الأربعاء؟ أم هم فقط يفتشوننا نحن ويتركونهم؟ كيف نثق في بيان الثلاثاء إذا كانت الدولة قد فعلت ما فعلت بعد البيان بيوم واحد؟

ستقول يا سيدي أن هذه حادثة سببها أطراف ذات سلطة تصرفت من تلقاء نفسها ولا تعبر عن الدولة. لكن ما يضمن ألا يحدث ذلك في أية لحظة؟ وإذا حدث فهل ستردون كل مرة بنفس الرد؟

سؤال الضمانات

هب سيدي أننا قد صدقنا وعودكم وأوقفنا المظاهرات، ثم بعد ذلك عادت الأمور كما كانت شيئا فشيئا، لكن هذه المرة الحكومة متوقعة لمثل ما حدث ووضعت الخطط المحكمة لقمع إرادة الشعب بيد من حديد (وأنتم خبراء في ذلك كما تعلم).

ما الضمانات التي تقدمها لنا لتحول دون ذلك السيناريو، غير كلمة الرئيس أو كلمتك الشخصية؟ أم أنك تعتبر كلمة الرئيس أو غيره من ذهب، وبذلك لا يكون ردك سوى شعاراً آخر؟

سؤال الشعارات

هل كبرياء رجل واحد أهم لديك يا سيدي من دماء من قُتِل، وحرية من حُبس وعُذب؟ ما الفرق عندكم بين "الرمز" والإنسان العادي؟ هل كونه رمزا معناه عدم محاسبته عن جرائمه؟ هل يجب أن نعتبر صدام حسين مثلا رمزا؟ أليس رئيسنا الحالي هو الذي سمح بدولة رجال الأعمال؟ أليس من فتح المعتقلات؟ اليس اهماله في واجبه كرئيس سببا في غرق العبارات؟

أنا شخصيا أرضى بأن يترك الحكم ويرحل في أمان إن كان هذا سيحقن الدماء ويحقق مصلحة البلد. لكن بكل تأكيد ليس بسبب الشعارات الفلسفية.

سؤال انتخابي

قال الرئيس في حواره مع شبكة ABC أنه يخشى أن يتولى الإخوان الحكم عند رحيله. قل لي يا سيدي، أليس هؤلاء أفراد من الشعب؟ الا يحق لهم ترشيح أنفسهم مثل أي شخص والشعب يقبلهم أو يرفضهم بإرادته وفي حوار قوميّ؟ أم أن الرئيس وحده يملك اختيار من يحكم مصر من بعده؟

سؤال دستوري

تقولون أنه هناك نقاط تشريعية تحول بين انتقال الحكم بغير الطريقة التي ترضون بها. أليس هذا القول قولاً -احم- بيروقراطياً بعض الشيء؟

الدستور لم ينزل من السماء؛ وماهو إلا وثيقة يراد بها المصلحة العامة وشرعيتها تأتي من قبول الناس لها. قد نستمع لك وأنت تقول أن طريقتكم هي الطريقة الصحيحة، لكن الاختباء وراء ورقة؟

سؤال الشفافية

هل هناك جدول زمني معلن لخطوات نقل الرئاسة الذي وعدتم به؟ هل هناك قوائم معلنه بمن اعتقل ومن قد أفرج عنه؟ هل هناك تفاصيل عن التحقيقات المفترض أنها تجري لمحاسبة مركبي حادثة الأربعاء الماضي؟ أم أن الرد كالمعتاد هو أن نثق بكم.

بالمناسبة هذا استفهام حقيقيّ وليس مجرد سؤال جدلي. لو كان هناك بالفعل مثل هذه المعلومات علنيا فدلني عليها سيدي.

سؤال الكماشة

الآن تضيق الحياة شيئا فشيئا على المصريين. حظر التجول، الجرائم والرعب في الشوارع، نقص السلع. يقبل الأمر احتمال أن يكون كل هذا عارضاً أو احتمال أن يكون مقصودا، لكن... ألا يشبه هذا استراتيجية للتضييق على المتظاهرين؟ الضغط على المواطنين من ناحية وبعض الوعود البراقة من ناحية أخرى لتغيير الرأي العام ليكون مع النظام بطريقة أو بأخرى؟

ستقول يا سيدي أنه لا أدلة قاطعة على ذلك وأن المتهم بريء حتى تثبت ادانته؛ أقول أنا أنه في حدوث أية جريمة يظهر التساؤل: من المستفيد؟ ومن له الموارد التي تعطيه القدرة على مثل تلك الأفعال؟ ومن له ماض في القمع والمؤامرات؟

أرى أنه من الطبيعيّ أن نطلب أدلة تطمئننا على عدم تورط الدولة. ربما يكون دليلا جميلاً أن ترفع كل نواحي الضيق فوراً ولو كانت المظاهرات ما تزال كما هي.

سؤال السلوك العقلاني

يا سيدي، المظاهرات هي الشيء الوحيد الذي أحدث تغييراً بعد ثلاثين عاما من التجاهل (أرجو عدم المؤاخدة...التجاهل البارد). والآن هناك من يطالب بإيقافها والاكتفاء بالوسائل القديمة. ألا ترى ياسيدي أن هذا هو العكس تماماً لما يفكر فيه الإنسان العاقل؟